الثلاثاء، 2 سبتمبر 2014

صياغة النموذج الرياضى فى علم انتقال الحرارة modeling in heat transfer 2


وصف المشكلات الرياضية يتطلب وضع مصطلحات expressions تربط بين التغيرات التى تحدث بالمتغيرات التى تتعلق بوصف المشكلة ومرتبطة ببعضها البعض بحيث كلما قلت نسبة الزيادة فى تلك المتغيرات كلما كان الوصف أكثر دقة ويمكن تعميمه.

برصد تلك التغيرات التى تحدث يمكنك صياغة المعادلات التفاضلية differential equations والتى ستقدم لك صيغ رياضية أدق لتلك المبادئ والقوانين الفيزيائية بحيث يكون معدل التغير بها يمثل مشتقات تلك المعادلات التفاضلية.

لذلك يتم استخدام المعادلات التفاضلية فى توصيف وفحص مشاكل كثيرة فى العلوم والهندسة من ضمنها علم انتقال الحرارة، وهذا لا يمنع من أنه يمكن التعامل مع مسائل انتقال الحرارة بدون اللجوء لتلك المعادلات نظر لتعقيداتها فى بعض الأحيان.

دراسة أى ظاهرة فيزيائية تتضمن خطوتين :

1- تحديد كل المتغيرات التى تؤثر على تلك الظاهرة يحيث يتم توصيفها بدقة أكبر ووضع الفروض المقبولة لها، ودراسة الترابط بين تلك المتغيرات.
يتم ربط تلك المتغيرات ببعضها البعض بشكل فيزيائى - الوحدات والكميات الفيزيائية- لمعرفة صياغة المشكلة رياضيا، وهى التى توضح درجة تأثير المتغيرات على بعضها البعض

2- تحديد طريقة الحل المناسبة للمشكلة الموجودة بالواقع واختيار الأسلوب المناسب لها والفرضيات الخاصة بها ثم تفسير النتائج الذى تم الوصول إليها.

كثير من الظواهر التى تحدث حولنا فى الطبيعة تحدث دون تأثير مباشر لنا فيه، وهذه الطواهر تحكمها قوانين فيزيائية سواء عرفناها أم لا.
معظم تلك القوانين واضحة ومفهومة من جهة العلماء المختصين بها ومن خلال ذلك تظهر إمكانية توقع حدث قبل حدوثه أو دراسة جوانب حدث معين بشكل رياضى دون إجراء تجارب مكلفة أو استهلاك كبير فى الوقت.

وهنا تأتى نقطة القوة فى مسألة التحليل Analysis، فتعطى لنا نتائج دقيقة بشكل كبير وبجهد أقل نسبيا بإستخدام النموذج الرياضى المناسب والواقعى لوصف الحدث/الظاهرة، وهذا يتطلب معرفة كافية بظواهر الطبيعة والقوانين المرتبطة بها بالإضافة إلى التفكير المنطقى السليم الذى يستطيع أن يوصّف ويضع النموذج الرياضى المناسب الذى يمدّك بنتائج دقيقة وواقعية.

الشخص الذى يعمل على تحليل مشكلة هندسية يجد نفسه بين اختيارين إما نموذج رياضى دقيق جدا لكنه معقد وإما نموذج بسيط لكنه غير دقيق كالنموذج الأول. حينها يكون الاختيار الصائب للنموذج على حسب الوضع فى الواقع، وعادة يكون الاختيار للنموذج الأبسط ويقدم نتائج جيدة ومقبولة بشكل كافى.

نضرب مثالا للتقريب .. يمكن دراسة عملية طهى قطعة من البطاطس فى الفرن بشكل تحليلى Analysis وذلك بوضع نموذج مبسط وهو افتراض أن قطعة البطاطس -ذات الشكل غير المنتظم- بأنها كرة مصمتة وخصائصها هى خصائص الماء. هذا النموذج يوفر لك نتائج مقبولة ويمكن الإستفادة منها عمليا.

مثال آخر .. أحد المبانى فى البلدان ذات الجو البارد -أوروبا مثلا- التى تستخدم أنظمة التدفئة المركزية. عند تحليل كمية الحرارة التى يفقدها هذا المبنى وذلك لاختيار سخان(مدفأة) ذو حجم مناسب يجب أن نضع فى الإعتبار الحرارة التى سيخسرها المبنى تحت أسوأ الظروف، ثم نفرض أن المبنى وكأنه فرن (متوازى مستطيلات مثلا -على حسب شكل المبنى-) ويتم إمداد ذلك الفرن بالحرارة اللازمة لتعويض الفقد. بل ويمكن اعتبار المبنى بأنه أكبر من الحقيقة تحسبا لحدوث توسعات فى المبنى. وبذلك بوضع نموذج التحليل البسيط المناسب يمكنك الوصول لنتائج جيدة ومقبولة.

أيضا حين تختار أحد معدات انتقال الحرارة مثل المبادل الحرارى Heat Exchanger، يجب أن تضع فى الإعتبار ظروف التشغيل الفعلية له. فلو المبادل الحرارى يتعامل مع مياه بها نسبة من العسر إذن يجب أن نضع فى الإعتبار أن بعض ترسبات الكالسيوم سسترسب على أسطح المواسير مسببة انخفاض كفاءة انتقال الحرارة بالوقت مسببة fouling على تلك الأسطح وبالتالى سيحدث انخفاض تدريجى فى أداء المبادل الحرارى Heat Exchanger .

إعداد نماذج رياضية دقيقة جدا ولكن معقدة ليست صعبة للغاية، ولكن هذه النماذج لا تستخدم كثيرا من قبل المحلل Analyst خاصة إذا كانت صعبة وتستغرق وقتا طويلا لإعطاء النتائج.

لذا الحد الأدنى، أن النموذج الرياضى يجب أن يعكس السمات الرئيسية للمشكلة -الموجودة بالواقع - التى تتم دراستها.

هناك العديد من المشاكل في الواقع التي يمكن تحليلها بواسطة نموذج بسيط لكن يجب الوضع فى الإعتبار أن النتائج التى تم الحصول عليها تتوقف دقتها على دقة الفروض -الخاصة بمشكلة ما- التى تم بها تبسيط النموذج، ولا يمكن إعادة استخدام النموذج مع مشكلة أخرى إلا بتطابق الفروض.


لقراءة الجزء الأول: علم انتقال الحرارة مقدمة 1

------------
أحد المصادر : HEAT TRANSFER - YUNUS A. CENGEL